Laurence Anis لورانس أنيس​

عطش وسراب

ماذا كان يقول ذلك الحكواتي
أتحدث عن حياته أم عن حياتي
أم عن شىء كان ولم يكن
فحكاياته تشابهت بحكاياتي
فأنا الجميل وأنا القبيح بكل حكاية
ووجودي يسكر في حانة مماتي
مع عطشى يشربون من سراب
***
ومن أمر بإسكات ذلك العصفور
أصياد أحمق يتمتع بقتل الشعور
أم عاصفة هوجاء المسير
أطاحت باللباب وأبقت على القشور
ففي القفص آثار دموع
وريشة صغيرة من جناح مكسور
مع عطشى يشربون من سراب
***
فالقائد الذي فرح بالحرب
حزن إبنه في الدرب
وسأل عن سبب فرح أبيه
وهو يرتعش من الرعب
وأمه تزيد خوفه بأجوبتها
ويتوه فكره بين نبضات القلب
مع عطشى يشربون من سراب
***
فلماذا.. لماذا كان الناس مبتهجين
في عرس القتلة والجثامين
ففي البيوت جدل وفي الشارع سباق
بين متعبين ومتعبين
نحو شىء غير موجود
إلا في خيال وكتب الجالسين
مع عطشى يشربون من سراب
***
فتمهل أيها الراوي.. تمهل بالكلام
وتجنب أيها الراقص رقصة الحسام
فمفسر الأحلام عجوزأعمى
يفسر الصفاء بالقتام
وفي الليل صوت إبتهال
لمصلٍ يسأل النور مباركة الظلام
مع عطشى يشربون من سراب
***
فعد أيها الساقي.. عد ياصاح بالماء
فالكل يشكو من قسوة الرمضاء
والحبيب الذي وعد حبيبته بخاتم
ليقدمه لها قبل قدوم المساء
لم يبق منه إلا صورة يبتسم بها
لحبيبة تبكي بدمعة خرساء
مع عطشى يشربون من سراب

شىء بلا شىء

إنتهت المسرحية وإنصرف الممثلون
فإلى أي شىء ظل الرواد ينظرون
بعد أن أسدلت الستارة وإنطفأت الأنوار
وشربت الحكمة من كأس الجنون
خمرة الضحك والبكاء
وهي تسمع أغنية غنتها السنون
بسلام بلا سلام
***
هذا ماسأله مخرج المسرحية بخجل
فأجابته عجوز بصوتها رنين الأزل
كنا متأملين والأمل إبن الوهم
أن يتحقق بمسرحيتك بعض الأمل
لذا نحن منتظرون يامخرجي
كي نرى يد بطل
بحسام بلا حسام
***
فالمغني الذي غنى لرئيس الجمهورية
ونال على غنائه كأساً ذهبية
ذم ماكان يمدح بالماضي
حين تغير الرئيس وتبدلت شعارات القضية
فإختلط الحزن بالفرح
بأصوات ووجوه الرعية
بأنغام بلا أنغام
***
وحين هجمت على الأبناء جيوش الغضب
وتحدث الآباء عن ضعف دين وقلة أدب
نام الجميع على وسائد الشك
بتاريخ وأحاديث العرب
وبطباخ يخلط السم بسكر
ويقدمه لكل من يشعر بسغب
بأيام بلا أيام
***
فضاع الشعور في عدة مواقف
بكل موقف شجاع يتكىء على خائف
وذكي يبني مع غبي جدار الزمن
بحجر قوي وحجر زائف
والناس منشغلون بالرهان
على سباق الأرانب والسلاحف
بأحلام بلا أحلام
***
والجندي المجهول متعب من المعاركْ
في قلبه خوف يامخرجي من غباء المسالك
والنشيد الذي تعلمه ضاع منه
في طريق طويلة وليل حالك
وصوت أجداده يصرخ: متنا بعتمة
فحذار من الموت كذلك
بظلام بلا ظلام


وصية أب
لم يكن أحد في الشارع
غير طفل واقف أمام بائع
وسائق ينتظر فتح إشارة المرور
وهو يدندن نغمات لحن شائع
وعجوز تحكي بضيق لعجوزأخرى
عن وقت صعب وجيل ضائع
وعمر مثل الدخان
***
فلماذا هيمن الخوف في الطريق
أمن وجود عدو أم وجود صديق
أم لأن المحبة كانت مدفونة
في مقبرة الإدعاء وعدم التطبيق
فبين النخاسين جدل وشجار
حول أسعارالعبيد والرقيق
في هذا الزمان
***
فالفتاة التي كانت تحلم بلقاء أمير
يأتي على حصان أبيض صغير
كبرت على أطراف الحزن
وإختبأ حلمها بستارة المصير
وكلما مر طيف أمام بيتها
تحكي له عن قلب أسير
تعب من السجان
***
فمن رمى الحرية في سلة المهملات
وسرق من القلوب روح النبضات
فقيثارة العشاق مقطعة الأوتار
وعيون الصبايا حزينة النظرات
وفي برميل القمامة طفل يبكي
لأم خافت من الإتهامات
وأحجار بأيدي الفتيان
***
وعلى ثياب الناس آثار دماء
وفي حناجرهم بحة بكاء
من مسلحين يرفضون من لم يكن على دينهم
ويحللون كره وقتل الأبرياء
فمن ذلك الذي أمرهم بالقتل
وبخطف وإغتصاب النساء
من غير أديان
***
فرسام الصور يروي لألوان الخيال
عن عروس بمنتهى الرقة والجمال
رسمها وهي تبكي بحرقة
وتصلي لأجل حبيب مات بشريعة الإغتيال
وتتأسف لجهلاء يعيشون خارج بيت الحكمة
يؤمنون بأن الغدر فعل الأبطال
والحقد غاية الإيمان
***
فنور الصباح إنطفأ على وجه قتيل ودم جريح
وتسابقت صرخات الوجع مع جنون الريح
بصوت من لفظ آخر أنفاسه
متجنباً التلفظ بحرف قبيح
وأب يوصي أبنه قبيل الموت
بأن يدافع بالسلاح الصحيح
ويرتل ترتيلة الأمان

جناح من ورق
طرتُ ياجدي فوق الجبال
ومشيتُ حافياً فوق الغيوم
فسمعتُ في الأرض أصوات قتال
ورأيتُ الأفكار تنتحر بجهل العلوم
فكان الآباء يقدمون للأطفال
فطائر سكر ممزوجة بسموم
بجناح من ورق
***
فالأغنية التي غنتها أمي
إنتهت بنهاية الأشواق
والمدرسة التي تعلم فيها أبي وعمي
إحترقت بنار ملاق
وُهدم بيت تعلمتُ فيه نطق إسمي
وسمعتُ حكايا ت العشاق
بجناح من ورق
***
فمن ذلك الذي ينعي الحب أمام الناس
ويتكلم بحزن عن رحيل حبيب
وهويصفع بلا إحساس
خد طفل يبيع بطاقات اليانصيب
بين صحوة اللصوص وغفوة الحراس
وهواة تصديق الأكاذيب
بجناح من ورق
***
ومن أين تاتي أصوات الأنين
أمن قريب أم من بعيد
وكيف كسد بيع الحنين
وُقتل شجاع بسيف رعديد
فالغضب يطوف بين الجثامين
والصياد يفخر بإسكات التغريد
بجناح من ورق
***
ومؤرخ القبيلة يكتب بإستياء
قصة قبطان يتعارك مع الرياح
وجرحى يطلبون من رب السماء
رحمة تخفف عنهم أوجاع الجراح
وسكارى يتجادلون بلغة الأقداح
في حانة بُنيت فوق الرماح
بجناح من ورق
***
فإسكافي الحي منهمك بتصليح الأحذية
وإبنته الجميلة تحلم بلقاء أمير
يكتب معها كلمات أغنية
تمحو بها ذكريات وقت مرير
ليحكي الشعراء عنها في كل أمسية
كيف إستطاعت أن تطير
بجناح من ورق

بدون

تعبتُ ياأمي من تغريب ومن تشريق

​والتعب  يسرق جمال الطريق

​وعلى ساعدي آثار دم

بعضها من جرحي وبعضها من جرح صديق

​فأبي أوصاني قبيل موته

 بمد يدي لكل غريق​

 !غرق بماء وبدون ماء​

​***

​وبخيالي صورة لا تتغير لوجهكِ

​ومشطكِ يسّرح شعري وأنا بحضنكِ

​وعلى لساني كلام كثير

​أريد.. أريد أن أقوله  لكِ

​مهما تقدم بي العمر ياأمي

سأظل دائماً طفلكِ​

!أسمعكِ تغنين بدون غناء​

​***

​وكلما  ُجرح السكون بدوي إنفجار

​ألبس عباءة الليل هرباً من النهار

​ فأسمع ولا أسمع ياأمي

​صراخات  وضربات العار

​فأتجادل وأتعارك مع نفسي

والنور يرقص مع النار​

 !​وأبكي وحيداً بدون بكاء

​​***

​فشرطي  حارتنا يتعارك مع زحمة العربات

​ بصفارته آهات مثل الدمعات

​كلما رأيته أسأله عن عربة المحبة

​فيقول: سمعتُ عنها بالحكايات

​حين كان جدي حياً

​والأولاد يلتقوا بالطرقات

 !​فيلعبوا ويذهبوا بدون دماء

​***

​وهناك بيت كبير لمعلم قديم

​كثير الكلام عن تاريخ عظيم

​كلما رأيته أسأله عن أي تاريخ يتكلم

​تاريخ الظلام أم تاريخ السديم

أم تاريخ الطلاب الذين يسألوا​

​عن سبب الكذب بالتعليم

!​وأساطيرالبطولات بحكايا الجهلاء

​***

وأخاف من مستقبلي كلما تذكرتُ أمسي​

متوجعاً من حاضري بجهري وهمسي​

​أفخر بإحساسي مرة ياأمي

وأخجل أخرى بحسي​

​فأبني بحلمي أبراجاً عالية

​وأنا مسرع نحو رمسي

 !​​بحذاء متين وبدون حذاء

نسيان وشعور


ذهبتُ لزفاف أحد الأصدقاء
بعد مقاطعة لأجتماعات الضحك والبكاء
لم يكن الزفاف غايتي
بل كنتُ أحلم ياحبيبتي بلقاء​
​أجلس فيه قريباً منكِ​
وأحرق معكِ ظلام المساء
!​​وأنسى مايجري في الحياة
***
فالبارحة سمعتُ خطاب زعيم داهية
​ تحدث به عن حروب في كل ناحية
ووعد الناس بحرية وسلام​
​وحل مشاكل ظروفهم القاسية
كان الزعيم  يتكلم والضحايا تزيد​
​وكنتُ أفكر بكِ ياغالية
 !ناسياً مايجري في الحياة ​
***​
​وبعد الخطاب غنت مطربة أغنيتكِ
​​وأشارت لشعور في قلبي وقلبكِ
وقصيدة كتبناها معاً
بصراخ قلمي ورقة صمتكِ​
غنت المطربة ورددتُ معها​
​رددتُ كلمة.. أحبكِ
!ناسياً مايجري في الحياة​
***
​وإرتفعت في العرس هتفات وجميل الكلام
وتهليل لمطرب غنى بصوت الأحلام​
ولراقصة تمايلت على صوته بأنوثة طاغية​
وسفاح الليل يزيد عدد الأيتام​
فضعتُ مع من ضاع في العرس​
وعميتُ عن جثث نامت على رصيف الأيام​
 !ناسياً مايجري في الحياة 
***
​وحين بحثتُ عنكِ بين الحاضرين
لم أجدكِ ياحبيبتي بين الموجودين​
فبكى.. بكى العرس بغيابكِ​
وتحول الغناء لأنين​
وسقطت بهجتي على الأرض​
وداست عليها أقدام الراقصين​
 !وأحسستُ بما يجري في الحياة​
***​
​وعدتُ حزيناً برفقة الصباح
​متكئاً بعجز على أوجاع الجراح
​أردد أغنيتكِ في الدرب
​وأنثر شعوري فوق الرياح
متظاهراً بالسكرأمام الرفاق​
مختبئاً لأجلكِ بقناع الراح​
 !​​شاعراً بمايجري في الحياة

صرخة الصمت

من سرق الحب من قلوب الصبايا
​وحطم أجنحة النسور
​أوه.. لقد ضعتُ في عالم الرزايا
وأنا أبحث عن النور​
​متعجباً في سوق المنايا
​من حابس الورد في زجاجات عطور
​وبلادي تصرخ بصمت الضحايا
​وترقص عارية رقصة النفور
​بعد أن لعب الأولاد تحت الشظايا
في مسرحية بدون بطل​
***
​​فالعقول واقفة على شرفة الجنون
​تتعاطى كل أنواع المخدرات
​أوه.. راجت لعبة المنون
في ملهى الزيف بالكلمات​
والعيون تتكحل بحزن العيون​
​وترمي سعادتها في سلة المهملات
​وبلادي تصرخ بصمت الظنون
​وترقص عارية رقصة العداوات
​بعد أن ضاع الممثلون
​في مسرحية بدون بطل
***​
​ويشرح المعلمون كتباً للطلاب
​والطلاب تعبوا من أكاذيب العلم
​أوه.. الدروب ضاقت بضحايا العذاب
​بعد أن تم طلاق الحق للقلم
وصفقت السكاكين بيد قصاب​
​في عيد نكران الألم
​وبلادي تصرخ بصمت الغياب
وترقص عارية رقصة الندم​
بعد أن تحول أهل البيت لأغراب​
​في مسرحية بدون بطل
​***
​فكلما سرق الخوف سكون المساء
​تدق الحيرة على باب عراف
أوه.. من إغتال حكمة الحكماء​
​وحبس الإنصاف بدون إنصاف
​فالتاريخ يعج بقصص الرياء
​والحرية  مصلوبة بين جلاد وسياف
​وبلادي تصرخ بصمت الكبرياء
​وترقص عارية رقصة الخراف
​بعد أن شاب الكلام بالغناء
​​في مسرحية بدون بطل

لوحات منسية
أرسم أيها الرسام غصن زيتون

قبل أن تذبل أوراق الغصون

فيرتمي على الأرض ماكان فوقها

وُتجلد العقول بأسواط الجنون

أرسم بسمة بعيني عاشقة

قبل أن يغزو الحزن بريق العيون

وتنتهي الأحلام

***

أرسم طريقاً كثيرة الأضواء

ونجوماً تزين عتمة المساء

ووجوهاً تشع فرحاً

لرجال يمشون مع نساء

أرسم شعلة بيد شاب

قبل أن يطفىء اليأس شعلة الرجاء

وتنتنهي الأحلام

***

أرسم منديلا ً بيد طبيب

يمسح به دمعة كئيب

وتوازناً بميزان حاكم

وباباً مفتوحاً أمام غريب

أرسم طيراً خارج قفص

قبل أن يخطف البؤس شعور حبيب

وتنتهي الأحلام

***

أرسم بائعاً في الشارع

ومطرقة بيد صانع

وأولاداً يلعبون بلا خوف

من عواقب الخطف ونيران المدافع

أرسم عالماً يقول الحق

قبل أن يسرق الكذب صفحات المراجع

وتنتهي الأحلام

***

أرسم سفاحاً قرب قبر

وشجرة ياسمين قرب نهر

وسفينة تتحدى الأعاصير

وصياداً جالساً مع عروس البحر

أرسم فتى مفتول العضلات

قبل أن يأخذ الضعف سنين العمر

وتنتهي الأحلام

***

أرسم عازفاً يعزف بالنبضات

ووردة مزروعة في شعرفتاة

وأماً ترضع طفلها

وتعلمه أصول النطق بالكلمات

أرسم مهداً قرب جرس

قبل أن يرسم الموت لوحة الحياة

وتنتهي الأحلام

أغنية الأبدية

وصلتني رسالتكِ على هاتفي الجوال
ونبضاتي تصلي أمام سيوف الأنذال
أين أنتَ.. كتبتِ لي
في زمن الخوف وسوء ألأعمال
أنا عائم.. أجابكِ صمتي
بعكس جنون الموج ورياح الزوال
في بحر الأبدية
***
فلكِ ياحبيبتي سكون السلام
وأشواقي نار تحرق أوراق الأيام
 فعذاب حياتي نسيته
بوردة نفخت عطرها في الزحام
وفراشة سخرت من ضجيج دائم
بين عشاق الموت وعبيد الحسام
في حديقة الأبدية
***
ففي داخلي محارب يكره سفك الدماء
وحاصد يحصد النور بمنجل المساء
في حقل كان ومازال
وشعور يقاوم صفعات الشقاء
وقلم رغم سواد حبره
يكتب حروفه بسناء
على دفتر الأبدية
***
فكلما خطفكِ شوقكِ من منامك
وطعنكِ البعد برمح الآمك
فتذكرتِ حبيباً معكِ وليس معك
ترينه بكل أسفارأحزانك
تزيني له بالشوك
إن خطف الذبول رونق أزهارك
في درب الأبدية
***
وإذا رأيتِ خيالكِ مرعوباً بكل مرآة
وسمعتِ الحزن يناديكِ بكل اللغات
وعربة النهاية مسرعة
بكل مافي الأرض من كائنات
 لا تنسي الوقوف مبتسمة
كي تتمكني من قطف عنقود الحياة
في كرمة الأبدية
***
فرسالتكِ في هاتفي باقية ككلام نبي
ومحبتكِ تمسح عن جبيني عرق غضبي
بمنديل شيخ حكيم
وقوة شاب وأحلام صبي
وروح ترقص بذكاء
على كل لحن غبي
وتعزف بناي الأبدية
صرخة من صدد
كان يبحث في  كل درب وزقاق
عن أهل وجيران ورفاق
فتى قال: أنين الوداع في كل مكان أسمعه
يخنق ضحكات اللقاء وهمس الأشواق
فلِمَ خطف الحزن أجراس الفرح
ولِمَ بكت حكايا العشاق
بسلاح الجهل!
***
فالأغاني هجرت صوت أمي
وبكى أبي على موت عمي
وصديقي الذي لعبتُ معه بكرة القدم ُخطف
ودخلت رصاصة في قدمي
فإختفت ضجة الأولاد بين البيوت
ونزف سروري على فراش ألمي
بسلاح الجهل!
***
فقد رحل الناس وُسرق ماكان في دورهم
وتوقف العمال عن كل أعمالهم
فياله من بطل همام ومؤمن عظيم
قاتل الأبرياء وسارق صفاء ديارهم
فعلى البئر آثار دم تشهد عليه
وفي قعرها جثث تحكي عما فعل بأطفالهم
بسلاح الجهل!
***
فكم إمرأة بكت وكم ولد
وكم شخص ُقتل بالجسد
وكم روح ُسلبت بهجتها
في أرض وشعب صدد
فالعيون ترى ولا ترى
ماجرى في ذلك البلد
بسلاح الجهل!
***
فالحق ُذبح في حرب الأنذال
بإيمان كاذب وحقد واضح بالأفعال
وُزرع الألم والعذاب
في نفوس النساء والرجال
وأطفال فقدوا أهلهم
وأهل صاروا بدون أطفال
بسلاح الجهل!
***
ففي البيوت وجع وأسف وأصوات بكاء
وفي القلوب حزن وغضب على موت أبرياء
وفي الكنائس صلوات ودعوات
لأجل من رحلوا للسماء
لكن في صدري نار لن تنطفىء
قال: حتى ينتهي زرع الشقاء
بسلاح الجهل!
***
فالأنجيل لم يعلمنا حب الخنوع
ولم يأمرنا بالخوف ولا بالركوع
أمام قاتل أوظالم
يكره أتباع يسوع
فإلى متى نصبر ونسامح... صرخ
ونهجر بيوتنا ونحلم بالرجوع
بسلاح الجهل!
***
فقبل أن نصلي للجاهلين
ونبارك ونغفر للقاتلين
لنفكر من خلال صلواتنا
بعقاب الفاعلين والمحرضين
كي لا يصبح  قتلناعادة
يعتاد عليها كل لعين
بسلاح الجهل!

بلا صوت

سمعتُ  محارباً يغني في المساء
تحت عمود قديم للكهرباء
كان يقول: وعدتُ نفسي بصديق
في حرب خسرتُ  بها كل الأصدقاء
قتلتُ وأمي أوصتني بعدم القتل
وصرختُ وأنا أتعارك مع الهواء
صرخة بلا صوت

***

لم يكن قرب المحارب إلا ظل باهت لعمود
وشجرة حُفرت عليها أسماء مع عهود
كان على وجهه أسف وحيرة
وتعب من الموجود وغير الموجود
وبين أصابعه ريشة مكسورة الطرف
يصرخ بها بأوتار على صدرعود
صرخة بلا صوت

***

فإقتربتُ منه وفي نفسي بعض الفضول
وشعور يتمزق بطلوع ونزول
وحين سألته عن نفسه قال: أنا أنت
وضاع صوته في تلال وسهول
بنظرة حاقد يفخر بشعوره
وصمت محب يصرخ بصوت خجول
صرخة بلا صوت

***

أنا ذلك المحارب وأنا المغني
أغني كل يوم وأنا لاأغني
أستحي بشعور فيه رحمة
وألجأ للعنف كي يخاف الأعداء مني
على كتفي بندقية إشتريتها من ممثل عجوز
كان يصرخ على مسرح الحلم والتمني
صرخة بلا صوت

***

أفخر بتواضعي وأحكي حكايا الغرور
وأهمس بأني عاشق وأدوس فوق الزهور
أسكن في بيت من تراب
وأقول أنه من نور
وفي عيني صورة حفار
يصرخ بجنون بين القبور
صرخة بلا صوت

***

أنا مريض يزداد مرضي كلما شفيت ُ
وطبيب أتسمم بالدواء كلما داويتُ
أرقص في عرس الموت بفرح
وأشعر بحزن كلما فرحت
في بيتي ببغاء أسرته في إحدى المعارك
يردد خلفي كلما صرخت
صرخة بلا صوت

الذبح الحلال

بمن يستغيث الذي يغرق 

والمنقذ غريب أحمق  

لا يدري بما يجري حوله  

كأصم لايسمع وكأعمى لا يفرق

فالمسلمون يذبحون الإسلام بسيفه

ومن خالفهم فهوالكافرالأخرق 

في كل مكان 

 

*** 

 

فبالأمس ُذبح ثلاثة رهبان

بسكين الجهل والهيجان

بلا ذنب ُذبحوا 

فذنبهم أنهم إختلفوا بالإيمان

وسط تكبير وفرح الحضور

كعرس من أعراس الجان 

وقلوب بلا حنان

 

***

 

 فالرؤوس ُتقطع والدم ُيجبل بالتراب 

آه... والكل يهلل لرؤية العذاب 

فأين.. أين النور ذهب 

وترك الأرواح  تضيع بالضباب 

فهل القتلة يعلمون مايفعلون

وهم يقومون بالذبح والخراب 

وتضليل عقول الفتيان

 

 ***

 

 فصديقي المسلم قال لي: هذا ليس بالإسلام 

فالإسلام عدل ورحمة لاظلم وفعل حرام 

ماالذي يجري إذاً سألته؟

ولماذا المسلمون يعاملون غيرهم معاملة أغنام 

فإذا كان الله يكافىء على القتل 

قلتُ له: أفضل من عبادته إذاً عبادة الأصنام  

والحجر أكثرأمان 

 

***

 

 ففي قلبي حزن وجبل من الإستياء 

وتساؤلات عن سبب سفك الدماء

فإن كان القاتل بالحرب يدعى بطل  

فماذا يدعى بالسلم  قاتل الأبرياء 

لماذا الكره لمن لم يكن مسلماً

ولماذا تكفيره وإن كان من الأتقياء 

أهي تعاليم القرآن 

 

***

 

 فالمصلون يصلون بالدموع

بين وقوف وجلوس وركوع 

من طرد المحبة والرأفة من القلوب 

يقولون بصمتهم: ومنعها من الرجوع 

فالحيرة غزت العقول وشلتها

بصدى سؤال يطير بخشوع

أحلال ذبح الإنسان

ناي وبندقية


همس ناي على رصيف الأيام
لفتى تعب من فراق السلام
ومن إنتظار طويل لأمل قديم
يأتيه على بساط الأحلام
إن نسيت بساطك يارفيقي
وتهت في عتمة الزحام
فلا تنسى همستي
***
وإن تبعثر شعورك بعواصف أبدية
وإنتابك خوف من هزات أزلية
فإنتظرت في محطة بلا مكان
مع قدماء جنود الحرية
بقلب يلعب لعبة الحزن والفرح
ويطوف حول بلورة سحرية
فلا تنسى قدرتي
***
فأمك التي علمتك فن الكلام والتهذيب
تشكو اليوم من صمت رهيب
وعروس البحر بين الأمواج تصرخ
أرى السفينة مع قبطان غريب
ومطرقة النجار تقول للمسمار بكل ضربة
ألمي مثل ألمك يارفيق التعذيب
فلا تنسى كلمتي
***
فأبوك علمك فن الراحة بالشقاء
وتجنب الجدل مع الأغبياء
وحذرك من مفتاح وهمي
يفتح لك أبواب الهناء
ومن قصر كبير من ملح
ُيهدم كلما إبتل بماء
فلا تنسى رقتي
***
فبهلوان أرضك يسعل سعال مسلول
وبطل العدو يتسابق مع طفل مشلول
وطبيب الإدمان مدمن على الخمر
والقلوب أحياناً أصدق من العقول
وحين يصفعك تعب النهار بالصعود
ويقبّلك في الليل نسيم النزول
فلا تنسى نغمتي
***
وعانق بالوقوع ألم وقعتك
عانقه قبل سكوت أغنيتك
وتأسف كلما مررت بجاهل
سخر من نور حكمتك
فإذا سرق سارق نوراً رافقك في الدرب
ولم تجد في الظلام إلا شبح دمعتك
فلا تنسى رفقتي
***
فذهب تعب الفتى وشعر بحنين
لحبيبة تركها خلف السنين
لكنه قبل أن يمسك يدها
أصطدم بخياله السجين
داخل بندقية تصرخ به
ليس لك غيري من معين
فلا تنسى صرختي